يتناولُ هذا البحث المعجم العربيّ بوصفه مشروعًا أحاط بمشغل المعنى في مستوياته المختلفة؛ فقد بيّنت المعاجم التي شملتها الدراسة نزوع المعجميين العرب إلى تحليل المعنى في إطار علاقته بالأشكال اللغوية، باستثمار مفاهيم محددة تصب مجملها في البحث في العلامة اللغوية بوصفها كيانا يستمد وجوده من تظافر مكونات ثلاثة (تتالي صوتي، دلالة موضوع، مؤول)؛ وهو ما يظهر في صلب المعجم العربي في المعاني التي تُفرد للمفردة الواحدة الحاصلةمن انتقالها من استعمال إلى آخر.
وموازاة مع ذلك،يُلاحظ استثمار المعجميين لعناصر غير لغوية في سياقات محددة من المعجم، والتي تظهر تحديدا في استدعاء مقولة المتكلم والمخاطَب بوصفهما مُنتجين للمعنى، فتتحوّل العلامة اللغوية بذلك من عنصر في النظام إلى وحدة يتعذّر التعرّف إلى دلالتها إلا من خلال الإحاطة بسياقهاالتلفظي، ومنه يمكن الخلوص إلى أنّ المعرفة التي قدمها المعجميون العرب هي معرفة سيميو تداولية بامتياز، لأنّ معاجم على غرار العين ولسان العرب وأساس البلاغة وغيرها تعبّر عن تصور المعجميين العرب للمعنى في المعجموحياة العلامات فيه.