Département de Langue et Littérature Arabes
Permanent URI for this collection
Browse
Browsing Département de Langue et Littérature Arabes by Author "بوعاش, حسينة"
Now showing 1 - 1 of 1
Results Per Page
Sort Options
Item إستراتيجيات التجريب و التلقي في روايات واسيني الأعراج(جامعة مولود معمري -تيزي وزو, 2020) بوعاش, حسينةيعتبر التجريب الروائي ذلك الوعي الحداثي بالكتابة، أين يقف ضد قواعد الكتابة الجاهزة حيث يشتغل على بيانات الحكي من سرد ووصف وفضاء وزمن وشخصيات، بوعي جمالي جديد ابداعي وخلاق إذ يعتبر التجريب الروائي ثورة نقدية وحركة واعية كانت نتيجة تحولات الواقع، إنّه « وعي الكاتب بأنّه يكتب نصّا روائيا بالغ الترتيب متعدد الطّبقات ممارسا للعب والكذب الروائي مراوحا بين الايهام بالواقع وبين انفجارية النص الروائي التي هي سمة أساسية من سمات التجريب، إنّه الثّورة على النّمطي والتقليديّ. وكون الرواية جنسا منفتحا على قضايا الانسان وتطلّعاته وأسئلته فإنّها عبّرت عن الذات الفردية والجماعية وحمولاتهما الاجتماعية والنفسية والثقافية، كما استطاعت أن تقدّم عوالم رمزية تتجاوز الواقع، كإضفاء الطابع الاسطوري والعجائبي وولوج عوالم الحلم وتجاور شخصيات روائية متخيلة مع أشخاص حقيقيين هذا ما منح الرواية ذلك اللقاء الحميم بين الشخص والشخصية وهوما منحها إيقاعا زمنيا خاصّا. يقف التجريب الروائي على تحديد العوالم الروائية وتخطّي ما هو كائن فهو يقف ضدّ التّقليد ويرفض التنميط، لذا سعى الروائيّون إلى الانفتاح وخلخلة الأشكال التّقليدية وتجاوز المألوف والبحث عن أشكال جديدة في الكتابة تلبّي حاجيات التجريب الذي يسعى نحو كتابة نص متعدد الأصوات واللغات ومتعدد مداخل القراءة ومتعدد في اشتغاله على استراتيجية الأشكال واللعب السردي حيث لم يعد النص الروائي أحادي البعد بل انتقل الى كتابة متعددة الأبعاد. لقد كان التجريب الروائي بمثابة استجابة لرغبة الروائيين الملحة في خرق الثابت والراكد والنمطي على مستوى النص الروائي وهي رؤية ابداعية مشروعة لكل روائي تواق الى البحث عن كل جديد في صناعة الخطاب السردي الروائي والبحثعن ادوات وصيغوتراكيبلغوية وحيل سردية فالقارئ المعار يتطلب وينتظر ما يخدمهم افق توقعه وينتظرمن الكاتب التميز والاختلاف وطرح ما يتماشى مع العصر وهذا سيتوجب مراجعة الاعمال الروائية تبغا لمتطورات الحياة الجديدة والتماشي مع اتجاهات القارئ الفكرية ومنازعه الثقافية حيث حواجز كان لابد على الكاتب خرقها وخلق عوالم جديدة في نصوص الرواية خاصة عرفت الرواية الجزائرية المعاصرة الهاجس نفسه الذي عاشته الرواية العربية والمتمثل في الاهتمام بقضايا الشكل اكثر من قضايا المضمون ولقد انتعشت في الثمانينات في سياق ثقافي كان يتسم بالتبدّل والتغيّر إذ عرفت هذه المرحلة تحولات مهمة سواء على المستوى الإبداعي أو الفكري أو النقدي فكان الأدباء مطلعين على ما كانت تعرفه الرواية العالمية من تغير سواء في المشرق أو عند الغرب، فظهرت أعمال روائية كسرت نمطية المألوف وأخذت تبحث عن الجديد في الواقع، فكانت أهم الموضوعات التي طرحتها هي محنة المثقف الجزائري ومحنة صراعاته في العالم الخارجي ومحنة البحث عن الوجود واثبات الذات. لقد حل محل القناعات المطلقة السؤال عن الواقع والمجتمع والفرد والعالم وبرز ذلك على مستوى الكتابة الإبداعية القصصية والروائية خاصة من خلال العمل على تعويض مفهوم الشكل التقليدي الخطي واعتماد الشذرات والتّداعي الحر وتقطيع الزمن واستخراج تقنية تعدد الرواة والصيغ إيذانا بإعلان ضرورة نهاية الصوت الأحادي السائد وكان كل ذلك تعبيرا عن رفض مطلق للمسلمات وتجسيدا لقلق وجودي يتمركز حول الذات حاول الكتاب في هذه الفترة التّمرّد على التقليد في الكتابة وتجديد الأساليب. تمحورت فكرة هذه الدراسة من بدايتها الى نهايتها حول التجريب كمفهوم، وكيف تجلى عبر تقنيات واستراتسجيات توخاها الكاتب ليقدّم نصوصه، فكان من جملة النتائج التي حوصلناها نذكر: - إنّ المسعى التجريبي في الممارسة الروائية يقوم على عدد من المرتكزات الفكرية والخصائص الجمالية المتصلة باسئلة المتن والشكل والخطاب ومستويات اللغة والأسلوب. - إنّ مقارنة مفهوم التجريب في الحقل الأدبي بخاصة لا تخلو من عسر، ذلك لتعدد زوايا النظر اليه وتعدد المصطلحات التي اقترحتها الدراسة حول هذا المفهوم فاتسم بشمولية دلالاته باعتباره ابتكارا لقيم جديدة، وكما كان التجريب لعبة تجاوز لخصائص البنية السردية (التقليدية) للرواية التقليدية وبحث عن اشكال فنية جديدة في الممارسة الروائية ، فقد سعى واسيني الأعرج الى ممارسة هذه اللعبة في نصوصه الروائية فمس التجريب عنده العتبات التي يبدأ منها الخرق والتجاوز، فالقارى /المتلقي يلخط من عناوين روايته أنّها تمارس خرقا إن على مستوى الدلالة فيقف مندهشا أمام مفارقات يصعب عليه استيعابها وتكسر أفق انتظاره. - إنّ نصوص الأعرج نصوص حركية في زمنين متباعدين، تحكي ضمن الماضى لكن تدخل الواقع الراهن وتحقق عبر منطق السرد حوار بينهما. - جسد الزمن في رواية سوناتا لاشباح القدس ايقاع الفقد، فقد الارض والوطن والهوية مما خلق لدى الشخصيات اغترابا تقنيا، فكان ايقاع الزمن السريع تارة والبطيء تارة أخرى تعبيرا عن الحالة النفسية لشخصيات الرواية. - لقد عبر تشظي الزمن في رواية سوناتا عن تشظي الذات وضياعها بين الحاضر والماضي - طغى زمن رواية سوناتا الزمن النفسي أو زمن الشخصية، حيث شكّلت جدلية الزمن والذات بعدا فينا ودلاليا، فالذات فقدت التواصل مع ذاتها مع الحاضر فلجأت إلى استحضار الماضي، خاصة مرحلة الطفولة كقيمة تعوض الفقد الذي طال الشخصية (مي) فكانت الاستذكارات هي التقنية الغالبة في الرواية، مع أنّه كان للاستباقات حضورا مميّزا لجأت إليها الشخصية وتعويضا للنقص والفقدان التي كانت تعيشه في واقعها الراهن، لذلك تلّمسنا ضآلتها أمام الزمن، حاولت من خلال الاستذكار والتداعي أن تثبت ذاتها، لكنها في الأخير تنكسر أمام الزمن. - تميزت النصوص الروائية المنتخبة بمجموعة من الخصائص الفنية والموضوعاتية التي تفرد تجربة واسيني الاعرج عن التجارب الاخرى. - أدّى استدعاء واسيني الأعرج لنصوص أخرى إلى خلخلة البناء الروائي وبالتالي تغيّر الشكل الفني والموضوعي بين الخطاب الروائي والخطاب المتخلل مما أدّى الى تفكك النسقية، وتقلّص حدة التفاعل والتواصل بين المتلقي والنص. - تقدّم نصوص الأعرج نموذج شخصيات قوية لكنها مهمّشة، تقوم بالفعل الروائي والتغيير الاجتماعي المحدود داخل مجتمعها النصي. - اعتماد واسيني الأعرج على تقنية المذكّرات في رواية سوناتا لأشباح القدس استطاع من خلالها التماهي مع الشخصية البطلة في الرواية، فكانت الشخصية هي ذاتها الكاتب. - قدّم الكاتب الروايات بأسلوب فسيفسائي، فيلس ثمة تسلسل بين الفصول ولا ترابط، فالرابط بين فصول الروايات خيوط باهتة تستعصي على الملاحظة، خاصة فيما يتعلق بروايتي رمل الماية وجملكية أربيا مما جعلهما تتسمان بالتشظي، حيث بإمكان القارئ أن يقدّم بعض اللحظات أو تأخيرها، أو حذفها دون أي أثر يذكر ودون تضييع الدلالة. - كانت مقصدية التجريب في روايات الأعرج واضحة وذلك من خلال التماهي بين التخييلي والسير ذاتي، بالخصوص في رواية كرماتوريوم سوناتا لأشباح القدس، فضلا عن التقنيات السردية التي استخدمها الروائي كاستراتيجية، كالرسائل والقصاصات، والتنويع اللغوي بين الفصحى والعامية، واللغتين الفرنسية والاسبانية، التي أدت الى تهجين السرد، إضافة إلى استراتيجية التناص التي أثرت النص، وكشفت عن قدرة الروائي على التعبير عن رؤيته الخاصة عبر الإيحاء و الرمز والتكثيف. - اتّسم السّرد في روايات الأعرج بالتشظي والتفتت والتداخل، وذلك بالانتقال بين الساردين: من السارد الشخصية إلى ساردين آخرين وتعدد الضمائر وتماهي الشخصيات، وتبرز هذه الشخصية خاصة في روايتين (جملكية أرابيا ورمل الماية)، أين يستعصى على القارئ التميز بين الأصوات الساردة، لتماهيها وتداخلها، حيث تناوب السرد عدة ساردين، مع هيمنة بعض الأصوات مثل شخصية (مي) وشخصية (يوبا) في رواية كرماتوريوم سوناتا لأشباح القدس، وهيمنة صوت البشير المورسكي وصوت دنيازاد في رواية رمل الماية، وطغيان صوت دنيازاد والبشير إلمورو في رواية جملكية أربيا، وهذه استراتيجية غايتها إبراز التفاوت بين المواقف وزاويا الرؤية، وشكل من أشكال التجريب الذي كسر نظام الصوت الواحد( صوت السارد) الذي كان يطغى على الرواية التقليدية. - غلب استخدام ضمير المتكلم في الروايات المنتخبة للدراسة، حيث يتداخل فيها السيرذاتي مع التخييلي، واستعمال ضمير المتكلم من سمات الكتابة الجديدة ، كتابة تيار الوعي ومن مقومات التجريب، تسعى من خلا ل استعمال ضمير المتكلم، أن تتجاوز المقولة التقليدلة التي يكون فيها السارد هو الذي يقدم الشخصية، وهو المسيطر على كل أفعالها، لتتمرد في الرواية الجديدة وتتحرر من السارد العالم لتقدم نفسها بنفسها وتحكي همومها وآلامها وآمالها، هذه الإستراتيجية تروم إلى إقناع القارئ بواقعية الشخصية، حتى يتعاطف معها ويعيش ما تعيشه ويحسّ ما تحسه ، وهي أيضا من مظاهر التجريب. ختاما، يمكننا القول إنّ النتائج التي خلصنا إليها ليست نهاية لبداية، بل بداية لمسيرة بحوث يمكن أن تنطلق منها، فالبحث في مجال التجريب واسع لأنّه موضوع زئبقي ويقبل تعدد القراءات لا يمكن حصره، وكل دراسة تزيد من غناه والتعمق في فهمه، لا حصر حدوده، أما المدونة الجزائرية فهي تكتنز إبداعات تستحق أن يهتم بها القارئ/ المتلقي بالقراءة والنقد.