تسيطر اليوم الثقافة الرقمية كظاهرة عالمية مسّت جوانب الحياة بأكملها، ولعلّ تأثر الفن والأدب بهذه الثقافة قد أصبح حتمية لا مفرّ منها، وليس الإشكال الوحيد هنا هو مدى تأثر الأدب بالتكنولوجيا، وإنّما تضاف إليه إشكاليات عديدة تتمحور أبرزها حول طريقة التعامل مع هذا المنتج، والذي غيّر من خريطة الإبداع المعروفة والتي ترتسم حدودها بمفاهيم ( المؤلف، النص، القارئ) نحو مفاهيم جديدة.
تنبئ هذه المفاهيم الجديدة بثورة أجناسية جديدة، معلنة عن معضلة حقيقية تنظيراً ونقداً بوصفهما لا يستجيبان لمتطلبات النّص الجديد، فهو نص انفلت من حدود الطبوغرافيا والخطية نحو عوالم الافتراضية واللاخطية، مكرّسا في نفس الوقت شروط التفاعلية للسماح للمتلقي بالإبحار فيه، كما يشترط في المؤلف أن يتعدى حدود امتلاك الحسّ الإبداعي نحو معرفة جديدة تتمثل في اللّغة الرقمية وأبجدياتها.
ثقافيا؛ يفتح النّص الرقمي صراعا بين القبول والرفض، الأوّل يستدعيالحتمية التكنولوجية كمفهوم لإخضاع المؤسسات لاحتضان المفاهيم الجديدة للنص، والثاني ينطلق من مخاطر العولمة والعولمة الثقافية، وكذا أمركة العالم كمصطلحات هدفها تدمير الفن بالدرجة الأولى، وتمييع الثقافة القومية نحو ثقافة موّحدة هي ثقافة الغرب