Département de Langue et Littérature Arabes
Permanent URI for this collection
Browse
Browsing Département de Langue et Littérature Arabes by Subject "الأعصاب الإصطناعية"
Now showing 1 - 1 of 1
Results Per Page
Sort Options
Item الهندسة اللسانية و المعالجة الألية للغة العربية(جامعة مولود معمري تيزي - وزو, 2022) شاوش, عبد القادرمنذ اختراع الحاسوب وظهور الثورات بداية بالثورة الصناعية؛ ثم تلتها الثورة الكهرباء؛ ثم ثورة الثالثة التي اختصت بالإلكترونيات وصولا إلى الثورة التكنولوجية التي امتزجت فيها الثورات انفجرت المعارف، حتّم على الإنسان الانتقال إلى مرحلة أخرى وهي مرحلة هَنْدَسَة تراكماته المعرفيّة وطريقة نقل هذه المعرفة إلى هذا الجهاز العجيب الذي يقارب في عجبه عمل الدّماغ البشري. في الثّورة الرابعة هذا ما جعل الإنسان يطوع هذه الآلة الحديثة، ويمثل ويحاكي فيها تراكماته المعرفية، في شتى المجالات تمهيدا لَهَنْدَسْتهَا وتفريعها اقتداء بما جاد به علم الوراثة في اكتشاف الجينات المركبة للإنسان البشري التي تنقل تريليونات من المعلومات التي يحملها الإنسان من أجياله السابقة إلى اللاحقة في شكل هَنْدَسَة عكسيّة لما كان وما سيكون. المتعارف عليه في العلوم اللغوية، أنّ اللّغة أصوات ورموز متشابهة في البيئة الواحدة لكن قوالبها مختلفة، من طبيعتها النمائية اللامادية، إلى الصورة الفزيائية المادية الخارجية لها ، تمتزج في رحلتها-من الفكر إلى الحقيقة- بالمادة الحية لتعطي نتائج متغيره من فرد إلى آخر ومن جماعة إلى أخرى فهي تؤثر في الحياة من خلال التأثير في مكوناتها(الجينية والكيميائية والكهربائية وطيفها المغناطيسي( اللغة الداخلية وأنظمتها) لتبني الذات الظاهرة ، فتنقل الذات من حالة الفوضى إلى الاستقرار والعكس من الاستقرار إلى حالة الفوضى والاضطراب كالرسالة اللغوية مثلا التي تتفاعل بين هذه الأنظمة في لمح البصر (أجزاء من الثانية)؛ بوعي أو غير وعي منا، فهي تعمل في خفاء وفق نتائج ظاهرة، فتجتمع بين حدي نظام الوعي والإدراك في العقل والذات الإنسانية في تفاعل اللغة مع النفس . هذا التعقيد معروف في التاريخ العلمي للجسد البشري؛ لأنه كلٌ مركب من أنظمة هندسية بسيطه ومعقدة، وكل محاولة للكشف هذه العلاقات؛ إنما هو محاولة للولوج إلى سر الحياة الموجود في هذا الجسد. هذه المسيرة المعرفيّة الهائلة للإنسان الحديث كانت نتيجة سؤال الوجود الذي أنتج معرفة تطورت وتفرعت إلى علوم شتى أسست مناهجها الخاصة وبشكل أو آخر تحاول إثبات ذات الإنسانقاعدة المعرفة ولبها سؤال فلسفي عميق في لغته الجوهرية التي "هي من مكوناته الأساسية وجزء من مركباته المعقدة". الجهاز اللغوي، نظام متكامل فيه أنظمة فرعية تعمل بالتوازي والتعاقب فكل نظام له مهامه المنوطة به يقوم بها دون تخاذل أو كسل، في شكل هندسي متناهي في الدقة، أعتبر كوسيلة المعرفة الحقيقية ، فهي نظام مهندس من نواته وصولا إلى شكله الجمالي، من حرفه إلى لفظه إلى نصه إلى معناه، في شكل متناسق مبني في الوعــي واللاوعي الإنساني ، يُعَبر عن جوهره الممزوج بمعارفه ومداركه ، من جين يحمل تاريخ أجيال وصولا إلى الكيوبيت في واقع مقولب يبنى حضارة الإنسان في صورتها الراقيـة،فكانت اللغة على رأس العلوم المعرفية وستبقى ما بقي سؤال الوجود، فتشكل هذه اللغة من تشكل منظومة المعرفة ككل . اللغة تواجه تحديات كبيرة، أوجدتها المتطلبات التكنولوجية المتغيرة للحياة المعاصرة، في عالم موازي اصطناعي يشبه الواقع افتراضا، فيقع على كاهل العلم بوصفه المحطة الجوهرية، الموجهة للإنسان العبء الأكبر، في تحويل تراكماته المعرفية إلى نتائج ملموسة ضمن مجالات الحياة اليومية المختلفة والمتشعبة الممزوجة بعالم آخر، ما أضحى اليوم متيقن منه هو أن النماذج والقوالب العلمية التقليدية أصبحت خاملة وعاجزة، أمام السيل الجارف والمتفجر للعلوم والمعلومة، فأصبح للمعرفة ثلاث أوجه: ظل ونور وجوهر... فالتكنولوجيا ظلها والعلم نورها واللغة جوهرها، بذلك فالمعرفة بسيرورة اللغة المطلقة لا تدركها الذات البشرية، لأنها أساس ممزوج بين نظم معقدة تدرسها علوم شتى هي معلقة بين البينين في اضطراب تشبه بذلك عمل الذرة أو الخلية الحية فاستقرارها وسكينتها في اضطرابها بمنطق اللامنطق، في هندسة ربانية متناهية الدقة، تساير طبيعة الخلق في السعي لإدراك وجوده، لفهم هذا النظام علينا أن نفكر خارجه، وأن لا نكون طرف في قوانينه، وهذا شبه مستحيل حاليا، عندما لا ندرك تفسيرا للمعرفة نختزل ذلك في تأويلات تعميما، وهروبا من أسئلة أخرى تلح على ذواتنا جوابا، إذا قلنا صفر(0) حتما يليه الواحد(1) رياضيا لكن بينهما مسافات لاختزال ذلك وجدت قوانين، عممناها بمنطق الحتمية العلمية، وفق مفهوم يجاور الحقيقة ظنا، لأن عقولنا مجبولة للهرب إليه فطرة؛ لحظة العجز عن التفسير، فمعرفتنا وإن تجلت بكمالها فهي ناقصة -ليس ثمة مفهوم نهائي للمعرفة-؛ إذا امتلكنا مثلا: المعطيات، كانت آليات تحليينا عاجزة، والعكس إذا امتلكنا الآليات كانت المعطيات ناقصة، فهي مفهوم جوهري في كل ذات، تعلو به وتبنيه، من خلال سؤال الوجود، بين الحروف وفي ظلها يكون سيلالكلام تأويلا لامتناهي. ساهم الباحثون العرب والأجانب في إثراء البحوث الرقمية في اللغة العربية، وقد ساعد في ذلك تقدم الدراسات اللسانية وانتشار الابتكارات العلمية والتقنية، فظهرت مجالات علمية جديدة تتداخل فيها الدراسات اللغوية بالدراسات العلمية، والتقنية كالذكاء الصناعي، والهندسة اللغوية والتحليل الآلي للغة والفهم الحاسوبي ... وكلها من أجل تطوير اللغة العربية ومعالجتها آليا،ما أهلها لمحاكاة الآلة ومفهومة من قبلها، وأعطت طبيعتها العلمية فَتحقق وراء ذلك العديد من الإنجازات التقنية -التطبيقات الحاسوبية. في عصرنا هذانتخطى رويدا مفهوم القوانين الكلاسيكية، التي تحكم العلوم، إلى أمور أخرى أكثر تطور تعالج في صغائر الأمور ودَقَائِقَهَا، معلنة بذلك دخول ثورة علميّة أخرى، تتخطى سنن العلم في مساره التطوري ردحا من الزمن، فالبشرية تشهد ثورة رابعة جمعت شتات باقي الثورات الأخرى ومزجت بينهم، في عالم رقمي ميكانيكي يحاكي الواقع ويختصره في الزمان والمكان، في حمولات معرفية جارفة، فهل تساير اللغة العربية هذه الثورة الرابعة التي نحن على أبوابها؟ هذه الأسئلة ليست بمنأى عن أصحاب الخبرة اللسانية والحاسوبية والإلكترونية، ما جعل اللغويين يتجهون نحو خروج العربية من المكتبات الصفراء إلى العالمية، فحوسبة اللغة العربية والمعالجة الآلية لها، مطلب ملح للنمو والاستمرار العربي، ومن هنا لابد من الوقوف على دور كل هؤلاء في التعامل مع العربية، توصيفا وتنظيرا وتطبيقا، مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات التي تواجههم، والدور الخاصة بكل واحد منهم، والربط والتنسيق بينهم لدراسة اللغة وحوسبتها. اللغة جوهر الدراسات العلمية الحديثة، فمنها تنطلق جل النظريات،التي تعتبرها ظاهرة تجريبية تخضع للدراسة العلمية كباقي الظواهر الفيزيائية الطبيعية، فتخضعها هذه النظريات إلى التجريـــــــــــب والتحليل العلمي، في دراسة صيغها وتعابيرها وتحليل تراكيبها وطرق بنائها وعلاقتها بالعلوم الأخرى كما تعتبر أداة لتوصيل المعرفة و نقلها؛ وفق مستويات رمزية متشابكة، لا يمكن فصلها فهي ظاهرة ليست كباقي الظواهر المادية المستقلة عن الكيان الإنساني تنتمي إلى النظام الطبيعي بل هي ظاهرة من نوع خاص، و تأثيرها خاص متجذر في الذات الإنسانية، تترجم سلوكا في الطبيعة و الكون. ربما الحوسبة والرقمنة اللغوية،المتمثلة اليوم في البرمجيات المستخدمة في الحواسيب والهواتف الذكية والألواح الإلكترونية هي مجال خصب، يجمع بين تكنولوجيا اللغة وقد وضعا بذلك في مسار واحد ، بل و مصير واحد للبحث التنموي المستديم، وهذا ما يطرح تساؤلا مشروعا حول الآليات اللسانية التطبيقية التي تهدف لبناء برامج حاسوبية تساعد البشرية للدخول إلى غمار عالم جديد يعرف بالاقتصاد المعرفي، من خلال هذه البرمجيات والنظم الإلكترونية التقنية الأساسية التي أصبحت تفرض نفسها بشكل كبير ومتنامي في الحياة اليومية المتطورة للإنسان، وقد زادت الضرورة الملحة لها بتسارع النمط المعيشي الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمجتمعات الكونية، إنها المعالجة الآلية، هذا المسار المطلوب، متخذة منطلقها من مرجعيات هندسية مختلفة باختلاف مواضيعها تشمل أبعادها المعرفية-الهندسية المتداخلة(الداخلية و الخارجية)، في نفس الوقت تعالج صميم النظام اللغوي الطبيعي الذي يعتبر نموذجاً إنسانيا بحت، صعب مهمة مصممي برمجيات الحاسوبية رغم إصرارهم على بلورة هذه النظم التقنية التطبيقية، التي هي عبارة عن معالجه اللغة في بيئة منتجة غير بيئتها الطبيعية، ربما اللبنة الأولى للصناعة التقنية اللغوية ظهرت كمدقق إملائي أو المشكل أو المعالج النحوي والنصي والمحلل الدلالي وأنظمة التعرف البصري على الحروف.. وهذا كله يعتبر ناقص، لأنه لا يستجيب للمطالب اللغوية التطبيقية المتنوعة،ناهيك عن النقائص في المعاجم الإلكترونية التي تعتبر الركيزة الأساسية في كل عملية من هذا النوع، سنحاول شرح، الأدوات اللغوية الأساسية عن محاكاة الكفاية اللسانية للإنسان لنبرز بذلك طرق تحليلاته المختلفة في الارتقاء بالمعالجة الآلية أو ما يعرف بالهندسة العكسية لما كان وما يكون ولما لذلك من أثر في أبعاد معرفية-لغوية التي تساعد الإنسان الحديث في الاستفادة من هندسة اللغة والمعرفة معا،كما سنقف عند نمذجة النظام اللغوي وطرق معالجته آليا، لنتقصى بذلك الإمكانات التحليلية وفق المستويات اللغوية (صرفية وتركيبية-دلالية وصولا إلى المُولد النصي والتعرف على الكلام والمكانز اللغوية التي أصبحت العماد الرئيسي في كل عملية تطبيقية. فهم العالم يقتضي تحليله إلى نظم بسيطة ثم محاولة نمذجتها رياضيا، ولا يكون الانطلاق في هذه العملية إلا من اللغة الطبيعية ذات المحزون المعرفي الإنساني، وذلك لمحاولة تفسير الوجود بها في زمن رقمي يضاهي الطبيعية في سيرورتها، خصوصا إذا كانت هذه اللغة ذاتِ صيغَ رياضية فيزيائية هي أقرب للعلمِ التطبيقي، ربما هذا الاتجاه في الفكر الذّي يقوم على النسق الرقمي الرياضي يهمل الفكر الإنساني بحدّ ذاتهِ، أو بلغة إدغار موران يهمل الفكر المركب، الذي تجاوزَ الأنماط التقليدية للتفكير الموروث، الذي فصل بينَ الكونِ والعالمِ والأشياء، وبينَ الإنسان ومحيطهِ، فأحالته إلى ثنائيات وجود وعدم، روح وجسد، عقل ولاعقل، صفر وواحد، هذهِ الثنائيات جزّئت المعارف وفصلت تركيبها الإبستمولوجي، بمفهوم أنه لا علاقة بينَ اللغة، والرياضيات والفيزياء والمنطق ...وهكذا، لكن في حقيقة هذا الاختزال المبسط يجبرنا التفكر في نظمه المعقده والمتداخله معرفيا يجبرنا للعودة إلى أصل العلوم. وإذا كان منطقنا في هذا البحث هو رصد تحول التصورات والتحولات في بنيةِ المعرفة ونقلها من قالبها الطبيعي إلى قالب صناعي يعتمد على الأرقام، انطلاقا من الفهم المنطقي الرياضي للغة، هذا الفهم يقتضي تشابك وتداخل عدة مجالات، لكشفِ المعمار المعرفي للغةِ، في هذا عبر بنفينست بقوله: "لا يوجد شك في أنّه ليس مصادفة أنّ تكون الإبستمولوجيا الحديثة لا تنظر لقاعده من المقولات فهي ترى الفكر كأرض خصبة أكثر من كونهِ نظام دينامي يفوق كونه بنية، فالفكر الإنساني يخضع للمناهج العلمية، فهو ينسجم مع أي لغة كانت ليعبر بها عن تجربتهِ"، حينما تكون اللغة هي الأداة المنهجية لتأويل كينونتها في رؤيتها للمفهوم والعالم، والإنسان، فإنّها تعتمدُ على سبل متشابكة ومتعاونة في العمق، لتؤدي تفسيرها وفهمِها للأشياء، ومن هذا المنطلق يكون تركيب الفكر، ينفي تعقد العلاقات وباللغة نكشف عمق التعقيد في هذه الرؤية للعالم، فننتقل من البنية الواحدة البسيطة ونصل إلى النظم المتعددة المتداخلة و المعقدة . من المؤكّد أنّ النّظريّات القديمة لا يمكن أن نبنيَ عليها هندسة متكاملة للغة العربيّة، لكنّ من الواضح أيضاً أنّ النّظريات اللسانيّة الحديثة لم تصل لنموذج كامل لعلوم اللغة العربيّة يكون صالحا ونافع كقاعدة لعملية الهندسة والحوسبة المتكاملة، وإنّ هذه الإشكالية تمثّل التّناقض العلمي الذي يريد نمذجة شيءٍ لا يملك إطار نظري يبني عليه، وهذا ما يظهر في الفوضى الكبيرة التي نعانيها في تفرقة المصطلحات العلمية الواردة فيه. لازال تراثنا اللغوي يحمل الكثير من الكنوز العلمية التي توصلت إليها النظريات اللسانية الحديثة لكن هذا لا يغني عن استخدام مناهج البحث اللغوي الحديثة في وصف وتوصيف اللغة في البحث اللغوي، ولاشك أن التطور من قضايا العلوم الطبيعية، فاللغة العربية وإن كانت ثابتة ومخلدة بحكم ارتباطها بالقرآن، إلا أن وصفها وتوصيفها وتجديد آلياتها قابلة للتغير خضوعا لدورة الزمن التطورية، القدماء لم يضعوا قواعد اللغة، بل استخلصوها من الواقع اللغوي استنبطوها بالآليات التي كانت في زمنهم والآن وقد ظهرت أدوات ووسائل جديدة للوصف والتوصيف اللغوي تقتضي منا لزوما، الأخذ بها استمرارا للغة، ومواكبة للتطور. هدف الحوسبة هو الوصول إلى تقنية الفهم الآلي للغة أو إلى درجة من درجات الفهم، ثم تطوير تطبيقات تبنى على هذه التقنية لتستخدم في التعليم والأعمال وجميع مجالات الحياة التي يدخل فيها الحاسوب، بحيث تحفظ للعربي لغته عند تعامله مع هذه التطبيقات فلا تضمحل صلته بموارد هويته بانتشار التقنية إلى التعليم والأعمال وبقية مناحي الحياة، وعليه فالواضح أن الحوسبة وسيلة لا غاية في ذاتها. الجدير ذكره مرة أخرى أنّ كثيراً من الدّراسات والأبحاث ومشاريع الحوسبة كانت تصدر عن النّظريّة اللسانيّة القديمة أي النّحو والصّرف والدّلالة حسبما درسها العلماء العرب القدماء، بل إنّ مجالاً كاملاً كالمعالجة الصّرفيّة لا نكاد نجد فيه أثراً للمدارس اللسانيّة الحديثة. اللغة العربية ما تزال في بداية الطريق، رغم تكيفها الهائل مع الرقمنة وما ميزها عن غيرها وما وجب عليها أن تكون في مقدمة اللغات في التعامل مع الآلة. إن الطريق في هذا المضمار مازال شاقاً وطويلاً، والأمل معقود على جميع العلماء والباحثين الذين أوقفوا أنفسهم على هذا المجال النادر من مجالات العلم والمعرفة الإنسانية، أن تتكاتف جهودهم لتذليل العقبات وحل المشكلات التي تحيط باللغة العربية إزاء الثورة المعلوماتية الحاسوبية المعاصرة.